17 - 07 - 2024

مدينتي الفاضلة | أناشيد حفلات آخر السنة، خارج الصورة!

مدينتي الفاضلة | أناشيد حفلات آخر السنة، خارج الصورة!

أحلى صورة بالنسبة للجدات أمثالي، هى صورتنا مع أحفادنا في حفل آخر السنة.. صورة الأحفاد والأبناء والأجداد في احتفال مسرح المدرسة، هى تلخيص تعبيري تشكيلي شجي  لثلاث حيوات.. صورة  تانجو قلوبنا، وتسجيل ابتهاجنا.. وامتناننا الثلاثي لإدارة المدرسة، ولاجتهاد معلمات الفنون، موسيقى، مسرح، فنون تشكيلية، والتربية الرياضة.

مشكلة الجدات - أمثالي بالتحديد - هي محاولات التجويد، بالخروج عن نص وكتالوج الجدة الطيبة.. ومناهضة جهود الأمهات لتعديل أسوأ سلوك أحفادنا، وهو " انبسطت ولكن.. ".. نحن لن نغلق موضوعا إلا بعد تسجيل سبب اعتراضنا، وعرض حلول أغلبها – في تصورنا- ممكن وآخرها تحذير وأمنية وممكن تهديد.. لكن طبعا مصفقون مهللون لمتابعة نمو أحفادنا، مرتفعين بسقف أحلام صورنا معهم.

أحكي لكم.. آخر فقرات حفل سنة رابعة وخامسة ابتدائي، كانت أناشيد تأكيد واعلان حبهم وانتمائهم للوطن.. اصطفت البنات كحبات لؤلؤ مرصوصة، ينعكس ضياء عيونها ووجدانها علينا.. تتسلل موسيقى "صوت الجماهير" كلمات حسين السيد، ألحان عبد الوهاب 1960. تدق قلوبنا من سرعة عودة الزمن، تطل بالسواريهات والكبرياء أحب فنانينا، فايزة أحمد، شادية، نجاة الصغيرة، عبد الحليم، صباح، فايدة كامل.. شريط ستيناتي يتلألأ بجواهر الثقافة والفنون، يضئ ذكرياتنا ومستقبلهن.. أقمع سرحاني واعود، اتابع الفتيات، إنشادهن صلاة جماعية حماسية للوطن.. الصغيرات يحفظن الكلمات، يلتزمن بالايقاع، الجمهور بكل أجياله إلى ما دون السادسة يتهلل.. المسرح معبد ابتهال وتجديد عهود الأجيال للوطن.. تنهمر الأبيات  العفية للأناشيد الوطنية، فنتعهد نحن الجدات أيضا بدعم أحفادنا إهداء لوطن يستحقونه ويستحقهم، يحفظونه ويباركهم، يضيفون إلى حضارته صفحات في التاريخ.

تدوي "صوت بلادى" لحسين السيد 1975.. بعد كتابة "صوت الجماهير"، بـ15 عاما حافلة بمتغيرات كان المتوقع ان ترفعنا.. في لحظة حلقنا مع الماضي، عبرنا - نحن الجدات - محطات الوطن الرئيسية.. السد العالي، مجانية التعليم، التأميم لمحو ذل الفقر والأمية للفلاح والعامل، بناء المصانع من الإبرة للصاروخ، استحقاقنا المشاركة في عيد العمال العالمي، وتأسيس القومية العربية تمهيدا لسوق عربية مشتركة.. هبوطا إلى النكسة صعودا إلى أفراح العبور.. كل ذلك في أغنية واحدة!!

انتهي الحفل وكلى انبهار من حفظ التلميذات لأبيات أربعة أناشيد وطنية طويلة، غزيرة المعانى والصور البلاغية.. وبعد تَنَصٌل ومعافرة اعترفن بسؤال، ما معنى جماهير!! وما معني الجيل الصاعد!

واختصارا لما نكره كتابته، لكن واجبنا يجبرنا.. أقترح تدريس الأناشيد الوطنية في منهج اللغة العربية، لاشتمالها على تاريخ وجغرافيا ودراسات وفنون.. لتأكيد المعاني والأهداف بغناء محبب بدلا من تطفيشهم بأشعار موظفي الوزارة!! وتنويع الاختيارات مع وحدة الهدف " الانتماء".. مثلا أناشيد التراث، دقت ساعة العمل الثورى – حسين السيد وعبد الوهاب.. شمس الأصيل – بيرم التونسي وأم كلثوم- .. عاد السلام يانيل 1956 فايدة كامل ومحمود الشريف للمقارنة والتوعية.. واناشيد الانتماء مثل عظيمة يامصر لوديع الصافي كلمات أحمد علام.. حلوة بلادى السمرا وردة.. لفي البلاد ياصبية بلد بلد، عبد الحليم والموجي وحسين السيد.. حلوة يابلدى، داليدا.. النجمة مالت عالقمر، حليم.. صورة، حليم.. ياحبيبتى يامصر.. أحلف بسماها وبترابها.. بلدي أحببتك يابلدى مرسي جميل عزيز.

 تعليم تاريخ ومستقبل الوطن بالفن، وبلغتنا العربية، هو مسئولية وزارة التربية والتعليم.. التعليم بالتشويق، وتنشيط الخيال وتحفيز الابداع، هو سلاحكم الوحيد للقضاء على الغش وإغلاق السناتر التي رخصتموها فرخصتم ضمائر وشوهتم مبادئ.. ها نزن، وهانحاسبكم على اهدار ضرائبنا، وعصبية الأمهات، وتهجير أنجب اولادنا، بالاضافة إلى ما تعلمونه.. وفقكم الله لإنقاذ أحفادنا.
----------------------------------
بقلم:  منى ثابت

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | مين قطع النور عن مين؟!